السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اسال الله التوفيق و النية الخالصة له
الدرس الاول
]مقدمة في علوم الحديث
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له , أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله الله شاهداً ومبشرًا ونذيراً ، ورحمة للعالمين وسراجاً منيراً ففتح به أعيناً عمياً ، وأذاناً صماً ، وقلوباً غلفاً , أنار للناس طريق الهدى وحذرهم من طرق الردى , أنطقه الله بالحكمة وسدده بالوحي وعصمه من الهوى
وعلى آله وصحبه الذين حفظوا حديثه وبلغوا سنته بكل أمانة وإخلاص وعلى التابعين لهم بإحسان ذوي الصدق في الأقوال والأفعال المراقبين لله في جميع الأحوال ، أما بعد :
فالسنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي للأمة فهي شارحة لكتاب الله ، مفصلة لمجمله ، مخصصة لعامه ، مقيدة لمطلقه ، ولذا كانت أصلاً من أصول الدين تستمد منها العقائد والأحكام والآداب
مكانة السنة النبوية
وفي القرآن الكريم ما يوجب على المسلمين طاعة رسول صلى الله عليه وسلم وكل ما جاء به
ونفي سبحانه الإيمان عن كل من لا يحكمه صلى الله عليه وسلم أولم يرضى بحكمه
وأخبر سبحانه أن الرسول أوتي القرآن والحكمة ليُعلم الناس أحكام دينهم
يقول الشافعي رحمه الله سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : " الحكمة سُنة رسول الله .. فلم يجز أن يقال الحكمة هنا إلا سُنة رسول الله ، وذلك أنها مقرونة مع الكتاب وذلك أن الله افترض طاعة رسوله وحتم على الناس اتباع أمره "
وهناك نصوص أخرى تلزم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول تعالى :
(( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ))
و في الحديث النبوي ما يوجب ذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا مًن أبى ) قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟.. ( قال مَن أطاعني دخل الجنة ومَن عصاني فقد أبى )
ويقول صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة )
ويقول عليه السلام ( لا أعرفن الرجل يأتيه الأمر مِن أمري ، ما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول : ما ندري ما هذا ؟ عندنا كتاب الله ، ليس هذا فيه )
وقد حذر عليه الصلاة والسلام من الكذب عليه
بقوله ( لا تكذبوا عليّ فإنه من كذب علي فليلج النار ) ، وقال ( من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار ) ، وقال عليه السلام : ( إن كذبا عليّ ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
وقد حفظ الله لهذه الأمة دينها بحفظ كتابه العزيز ، وسنة نبيه الكريم
فحفظ الله كتابه ، ووفق للسنة حُفاظ عارفين ، وجهابذة عالمين ، ينفون عنها تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، وقد خلف هؤلاء الأئمة الحُفاظ ثروة علمية زاخرة في شتى علوم الحديث ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء
فضيلة علم الحديث وشرف أهله
أي علم أشرف وأكرم من علم الحديث الذي يدور عليه رحى الشرع
يقول سفيان الثوري : " ما شيء عندي أخوف من الحديث ولا شيء أفضل منه لمن أراد به ما عند الله "
ويقول الأعمش : " لا أعلم لله قوماً أفضل من قوم يطلبون هذا الحديث ، ويحيون هذه السنة "
ويقول الحاكم : " لولا كثرة طائفة المحدثين على حفظ الأسانيد لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والمبتدعة من وضع الأحاديث وقلب الأسانيد "
ويقول أحمد بن سنان : " ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث وإذا ابتدع الرجل نُزعت حلاوة الحديث من قلبه "
وقال بعض السلف هذا أكبر الشرف لأصحاب الحديث لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالنضارة لمن يشتغل بعلم الحديث حفظاً وتبليغاً وفقهاً فقال : ( نضر الله امرءاً سمِع منا حديثاً فحفظه حتى يُبلغه فَرُب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، وَرُب حامل فقه ليس بفقيه )
وسنبدأ أخواتي و اخوانى بإذنه تعالى في درسنا مستمدين العون منه سبحانه
سنتعرف في هذه الدروس على معنى الحديث النبوي ، الفرق بينه وبين الحديث القدسي ، التعريف ببعض المصطلحات الحديثية ، أقسام الحديث ( الصحيح ، الحسن ، الضعيف ) ،
وما يتعلق بها ، الحديث الموضوع ( تعربفه ، أسبابه ، علاماته ، موقف العلماء منه ، .... الخ )