الرسم من النشاطات التي تحتل مكانة هامة في عالم الطفل وفي التعامل معه في آن معا.
يلعب الطفل دورا نشطا في الرسم , في الرسم يحب الطفل أن يؤكد
ذاته , أن يتأكد من قدرته على مجابهة العالم , ومن هنا نشوته عندما
يرسم ويطلعنا على رسمه , الذي يحمل على المستوى اللاواعي دلالة القدرة والسيطرة على العالم وعلى صراعاته.
هذه القدرة تطمئنه ضد قلق الخصاء , ضد مشاعر العجز أمام العالم
الخارجي , وضد العجز أمام رغباته واحتمال إحباطها .
كذلك فأن الرسم عند الطفل محاولة سيطرة على ما تحمله موضوعات
العالم الخارجي من تهديد لأمنه , في الرسم يغير الطفل نوع معاناته
ويحتل دورا نشطا يسمح به تداخل الواقع والخيال في الرسم.
أ- التجربة الوجودية للطفل:
الرسم يعكس وجها من التجربة الوجودية المعاشة للطفل : أحلامه ,
رغباته , مخاوفه , اهتماماته , موقعه , من خلال الموضوعات التي
يختارها لرسمه , وهو بذلك ينبئنا عن علاقاته العاطفية مع العالم
الذي يحيط به , حركة الأقتراب أو الإبتعاد , أو الخوف الذي يميز
روابطه بالناس والأشياء , إنه بالنسبة للطفل وسيلة لتقديم ذاته إلى الآخرين.
ب- الوظيفة الإسقاطية للرسم:
إن الرسم يتجاوز التعبير إلى محاولة حل مشكلة الطفل مع العالم ومع
ذاته , فمن خلال الوظيفة الإسقاطية للرسم يستطيع أن يتحرر من وطأة
المآزم الداخلية أو المآزم العلائقية , ويتمكن من إعطاء جواب عليها
بتثبيتها في واقع خارجي , ويساعد على هذه الوظيفة الإسقاطية امتزاج الواقع بالخيال , العقلاني بالأنفعالي في الرسم.
الرسم إذا من النشاطات التي تجذب الطفل تلقائيا للتعبير عن ذاته ,
وهو في حالات كثيرة يشكل مدخلا أساسيا لإقامة العلاقة معه.